ملاحظات على هامش مستجدات الشأن العام المحلي
تعلمنا أن السياسة علم قائم الذات له قواعده و أسسه و ليس حرفة و لا سلما للنصب و الترقي على حساب الشعب و الوطن، و هي انتماء الى توجه فكري و منهج و مدرسة في التحليل و التخطيط و الفعل، و دفاع عن مشروع مجتمعي ينتصر للإنسان و لقيم الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية.. تعلمنا أن السياسة مبادئ و قيم و أخلاق تنير الطريق و بدونها تضيع بوصلة الفاعل فيسقط في المحظورات التي ابتلي بها الحقل الحزبي و ما أكثرها..
مناسبة هذا الكلام، هو تلك الاتصالات و اللقاءات التي جمعتني بمجموعة من الأصدقاء و الأحبة، الذين طالبوا شخصي المتواضع بالتعليق على الأحداث التي شهدتها الساحة المحلية مؤخرا، بعد ملاحظتهم غيابي الاضطراري عن مواقع التواصل و الصحافة الالكترونية لظروف شخصية لا مجال لذكرها.. لقد أسعدني حقا ذلك، و أكد مرة أخرى أن لدى المتتبع و الرأي العام المحلي طلب متزايد على الفعل السياسي الحقيقي، و المعارضة العقلانية المستقلة التي تحظى بالمصداقية و الاحترام، و هو تعبير عن وجود خصاص مهول في التحليل و الاقتراح و النقاش السياسي المحلي ، سواء في المنتديات و وسائل التواصل، أو في دورات المجلس الجماعي، و الذي غالبا ما تسقط مداولاته في الابتذال و الشعبوية و الشخصنة و الملاسنات غير المنتجة و الهوس في استحضار الهاجس الانتخابوي الضيق..
و بعجالة يمكن أن أعلق في بضعة أسطر عما راج مؤخرا في الشأن العام المحلي:
1- الدورة الاستثنائية للمجلس الجماعي التي انعقدت مؤخرا، عرفت المصادقة على مجموعة اتفاقيات شراكة تخص إحداث مؤسسات تعليمية و توزيع بقع في الحي الصناعي على الحرفيين و إحداث سوق نموذجي و مجمع للخياطة.. الخ و هذه أمور لا يمكن لأي مناضل صادق إلا أن يثمنها، رغم بعض الملاحظات التي لا يسعف المجال هنا لذكرها ، و سنستمر في متابعتها حتى نهاية الأشغال.. لكننا نحذر هنا من أي استغلال سياسوي انتهازي لمشاريع حكومية نعتبرها جاءت متأخرة، و طالما طالبنا بها و كانت في صلب نضالاتنا و برنامجنا الانتخابي. و ندعو مرة أخرى المجلس الجماعي الى الاهتمام بقضايا التعليم و الصحة و السكن و التشغيل و اعتبارها أولوية الأولويات..
2- نعتبر الخرجة الإعلامية الأخيرة لرئيس المجلس الجماعي محمودة من حيث الشكل، باعتبارها خرجة تواصلية يخاطب فيها المسؤول سكان الجماعة ربما لأول مرة لتقديم مستجدات او الإخبار بإنجازات، بعدما كان يميل في السابق الى التكتم و اغلاق اجتماعات المجلس أمام الصحافة و العموم، و نتمنى ان يستمر هذا التواصل، و أن يتم إحداث صفحة رسمية للمجلس المذكور على مواقع التواصل لنشر أنشطة و مقررات المجلس.
أما من حيث المضمون، فنعيب على الرئيس تسرعه في اعتبار هذه المشاريع نتاج مجهوده الفردي،و الكل يعرف ان مساهمة المجلس في كل هذه المشاريع و توقيعه على الشراكات ليست الا بروتوكولية.. كما أن اختياره لمنبر إعلامي وحيد يعتبره الكثيرون محسوبا عليه، و إقصاؤه لباقي الإعلاميين و المواقع بالمنطقة لا يعبر الا عن استمرار نفس الطريقة في التعاطي مع الإعلام المحلي، و بهذه المناسبة، ندعو الرئيس الى الانفتاح على كل الإعلاميين و المنابر، و عدم التعامل معهم بمنطق هذا معي و هذا ضدي!
3- و بمناسبة خرجته الإعلامية الأخيرة، يبدو أن رئيس المجلس أرغمنا مكرهين على شرح معنى القاطرة، لكثرة تشديده على رفع شعاره الأثير العجيب(الرياضة قاطرة التنمية)، و نذكره هنا أن القاطرة هي تلك العربة الأمامية التي تقوم بمهمة جر و توجيه و قيادة عربات القطار الخلفية، و نتمنى أن يشرح لنا الرئيس كيف يمكن للرياضة أن توجه و تجر و تتقدم على الفلاحة و الصناعة و التجارة و السياحة و الخدمات و الصحة و التعليم و السكن!!!
4- صدر بلاغ عجيب غريب لتنسيقية حزب اخنوش بإقليم سيدي بنور، معلنا بكل وضوح أنه لا توجد تمثيلية لهذا الحزب بالزمامرة! هكذا بجرة قلم تم محو حزب سياسي من المدينة! و قد ذكرني هذا البلاغ العجيب، بحواراتي الحبية مع كثير من الشباب الذين غادروا البام و التحقوا بحزب أخنوش خلال انتخابات شتنبر الماضي، كانوا يجيبون حين أحدثهم عن الفرق بين الأحزاب المناضلة الحقيقية و أحزاب الأعيان التي يتحكم بهم المخزن: راه الأحزاب بحال بحال! و لست هنا أروم التشفي او تصفية حسابات مع شباب تربطني بهم علاقات اجتماعية أخوية، و اعتقدت دائما أن خلفيتهم يسارية، و أن ما ينقصهم هو الثقة في النفس و الاعتماد على الإمكانات الذاتية و القطع مع الأعيان الذين استغلوهم دائما لأغراض أنانية شخصية ضيقة ، و أعتقد بالنظر لما عانوه الآن مع الأعيان داخل حزب مول المازوط، أنهم قد غيروا رأيهم، فالأحزاب يا أصدقائي ماشي بحال بحال..
بقلم: ذ. موسى مريد