الحكومة تعتمد مقاربة جديدة لإيصال الدعم إلى الفلاح الصغير لمواجهة الجفاف

الحكومة تعتمد مقاربة جديدة لإيصال الدعم إلى الفلاح الصغير لمواجهة الجفاف

يتواصل الجفاف على مدى سنوات متتالية ويضغط بشكل مستمر على القطاع الزراعي في البلاد. يعاني الفلاحون الصغار بشكل أكبر من آثار نقص التساقطات المطرية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة. على الرغم من تخصيص الحكومة لمليارات الدراهم كدعم للتخفيف من تأثير الوضع، يشتكي العديد من أفراد هذه الفئة من عدم تلقيهم أي نصيب من هذا الدعم الحكومي الهام.

وفي الأسبوع الماضي، تم إعادة توقيع اتفاقية شراكة بين الحكومة والمهنيين في قطاع الفلاحة بخصوص البرنامج الاستباقي للتصدي لتأثير نقص التساقطات المطرية والظروف العالمية على النشاط الزراعي. يأتي هذا في إطار تنفيذ التعليمات الملكية المتعلقة ببرنامج دعم الفلاحين، والذي يعيد التركيز على استفادة الفلاحين الصغار من الدعم.

في العام الماضي، تم تخصيص دعم مماثل للتصدي لتداعيات الجفاف، ولكن تم تسجيل استياء بين الفلاحين الصغار الذين اشتكوا من عدم حصولهم على الدعم الحكومي. واتهموا الفلاحين الكبار بالاستيلاء على هذا الدعم، مشيرين إلى تعقيد إجراءات الاستفادة وطريقة توزيع الحصص في كل منطقة وإقليم.

تفاصيل البرنامج

تم تخصيص برنامج من قبل الحكومة بهدف التخفيف من تأثير الجفاف وتقلبات الظروف واستعادة التوازن في سلاسل الإنتاج، وتم تخصيص مبلغ مالي قدره 10 مليارات درهم لهذا الغرض. يتكون البرنامج من ثلاثة نقط رئيسية، وهي دعم سلاسل الإنتاجة و حماية الرصيد الحيواني والنباتي ، فضات عن تعزيز قدرات التمويل الفلاحي.

وبموجب الاتفاقية الموقعة بين الحكومة وممثلي القطاع، ستُخصص 5 مليارات درهم لحماية الرصيد الحيواني، من خلال دعم استيراد الشعير والأعلاف للمواشي والدواجن، و4 مليارات درهم لحماية الرصيد النباتي ودعم سلاسل الإنتاج لتوفير أسعار معقولة للمواد الأولية مثل البذور والأسمدة، بهدف خفض تكلفة إنتاج مجموعة من الخضراوات والفواكه. وسيتم تخصيص مليار درهم لتعزيز القدرة المالية للبنك الفلاحي لدعم الفلاحين.

ومن أجل خفض تكلفة إنتاج مجموعة من الخضراوات الرئيسية التي شهدت ارتفاعًا في الأسعار بسبب زيادة تكلفة المواد الأولية، بما في ذلك البذور والأسمدة، ستتم تخصيص دعم مالي بحدود مليار درهم لبذور وشتلات الطماطم، ودعم مالي بحدود 580 مليون درهم لبذور البطاطس المعتمدة، و120 مليون درهم لتخفيض تكلفة إنتاج البصل من خلال دعم استحواذ البذور، بالإضافة إلى تخصيص 2.3 مليار درهم لدعم الأسمدة التي شهدت زيادة في الأسعار نتيجة الظروف الحالية.

تخوفات مشروعة

يتردد حديثٌ واسع في أوساط الفلاحين هذه الأيام حول الدعم المتوقع وكيفية الوصول إليه، وهم مشعوبون بالخوف من تكرار سيناريوهات السنوات السابقة، حيث كانت نسبة الدعم التي حصل عليها الفلاحون الصغار ضئيلة ولا تكفي لإشباع حاجاتهم الأساسية.

محمد الباهي، وهو فلاح يقطن في ضواحي مدينة سيدي قاسم، يشارك تجربته مع جريدة هسبريس الإلكترونية، حيث يمتلك أربعة بقرات وعجلين. في السنة الماضية، تلقى الباهي دعمًا من الشعير المدعوم بمقدار ثلاثة قناطير، وأكد أن هذه الكمية تكفي لمدة عشرة أيام فقط من العلف المستهلك للمواشي.

وأضاف الباهي بسخرية: "إذا استمرت الأمور على حالها كالسنة الماضية، فليس لدي أمل في ذلك". وبهذا يعبِّر عن عدم رضاه عن مستوى الدعم وكميته الذي يصل إلى الفلاحين الصغار، والذي يعلن عنه بالمليارات.

يشعر الباهي بالتخوف، وهذا الشعور يُشاركه العديد من الفلاحين الصغار المنتشرين في مختلف مدن وأقاليم المملكة. إذ كانت نسبة الدعم المخصصة لهم أقل من خمسة قناطير من الشعير المدعوم، وشابت عملية توزيع الدعم انتهاكات متعددة، بما في ذلك استيلاء بعض الفلاحين الكبار والتجار على كميات كبيرة منه.

منهجية جديدة

أكد رشيد بنعلي، رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (COMADER)، الذي كان من الموقعين على الاتفاقية الإطار مع الحكومة، أن عملية توزيع الشعير المدعوم في العام الحالي ستختلف عن السنوات السابقة.

وأضاف بنعلي في حديثه مع جريدة هسبريس الإلكترونية أنه سيكون من السهل على جميع الفلاحين في مختلف المناطق الوصول إلى الشعير المدعوم، وسيتم تحديد سعر القنطار الواحد بـ200 درهم. وأكد أنه يجري العمل حاليًا على تحديد الطريقة المثلى لتنفيذ هذه العملية.

وأفاد بنعلي أن الاتفاق يشمل تخفيضًا كبيرًا في أسعار الأعلاف المركبة المستخدمة لتغذية الأبقار المنتجة للحليب، وسيتم تنظيم هذه العملية من خلال التعاونيات التي يشارك فيها الفلاحون المنتجون للحليب.

لم يحدد رئيس COMADER قيمة التخفيض الذي سيطرأ على أسعار الأعلاف المركبة، ولكنه أشار إلى إمكانية خفض الدعم المقدم لسلسلة إنتاج الطماطم بمقدار 75 ألف درهم للهكتار في البيوت المغطاة، و40 ألف درهم في الزراعة التقليدية.

وأكد بنعلي أن التراجع المتوقع في الأسعار سيشمل أيضًا أسعار الأسمدة في السوق المحلية، دون تحديد قيمة هذا التخفيض الذي لم يتم التوصل إليه بعد. وأشار إلى أنه ستجرى اجتماعات في الأيام المقبلة بين مسؤولي وزارة الفلاحة والجمعيات المهنية لتحديد كيفية تنفيذ الاتفاق الموقع بين الجانبين.

 

تعليقات