بريكس في 2024.. قوة اقتصادية هائلة مع انضمام هذه الدول

 بريكس في 2024.. قوة اقتصادية هائلة مع انضمام هذه الدول

 

خمس دول تنضم رسميًا إلى مجموعة "البريكس" في بداية العام الجديد 2024، تلبيةً للدعوة التي وجهتها المجموعة في أغسطس الماضي لست دول، وهي مصر والسعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا. رفضت الأرجنتين الانضمام بعد تراجع رئيسها الجديد، خافيير مايلي، مشيرًا إلى اختلاف سياسته الخارجية عن سابقته.

توسعت المجموعة بشكل كبير مع انضمام هذه الدول الخمس، مما يعزز موقعها كقوة اقتصادية تسعى لتحقيق التوازن والمنافسة مع مجموعة السبع. الممثلون الرفيعون المستوى من الدول الجديدة شاركوا بشكل فعّال في اجتماع في ديربان، جنوب أفريقيا، ومن المقرر أن يحضروا اجتماعًا في موسكو في 30 يناير، مؤكدين تلبيتهم للدعوة للانضمام.

تم تصوير مصطلح "بريك" في عام 2001 للإشارة إلى النمو الاقتصادي القوي في البرازيل وروسيا والهند والصين. وتشكل هذه الدول مجموعة اقتصادية وسياسية في العام 2006، وأضيفت جنوب أفريقيا لتصبح البريكس، مع تغيير اسمها وإضافة الحرف "S".

وفقًا للبيانات الصادرة عن صندوق النقد الدولي، يُظهر أن الناتج المحلي الإجمالي لدول مجموعة "بريكس" يمثل نحو 29 في المائة من الاقتصاد العالمي في عام 2023، وذلك بعد الموافقة على توسيع عدد أعضائها.

كانت نسبة إسهام مجموعة بريكس في الاقتصاد العالمي تبلغ 25.6 في المائة، وارتفعت إلى 28.8 في المائة بعد انضمام الأعضاء الجدد.

تسيطر دول المجموعة أيضًا على نسبة تبلغ 20 في المائة من التجارة العالمية، وفقًا للبيانات المُقدمة من منظمة التجارة العالمية.

تسعى مجموعة بريكس إلى تحقيق تفوق عملي من خلال توسيع نطاق نشاطاتها الاقتصادية، بهدف التصدي لهيمنة الدولار الأمريكي. يعزز هذا التوسع قوة المجموعة ويسهم في تشكيل نظام عالمي جديد، مما يجعلها قوة دافعة لتحقيق تغييرات ديناميكية في الخريطة الاقتصادية العالمية.

من المتوقع أن يلعب التكتل، بعد تضاعف أعضائه، دورًا هامًا في تعزيز التوازن الاقتصادي على مستوى العالم، وكذلك في تحقيق هيمنة اقتصادية أكبر. الدول الأعضاء تعتزم استغلال هذا التوسع لاستحداث فرص اقتصادية واعدة تعود بالنفع عليهم.

خطوة للوصول إلى اقتصاد عالمي متنوع الأقطاب

أوضح الخبير الاقتصادي، الدكتور علي عبدالرؤوف الإدريسي، في تصريح خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن مضاعفة دول التكتل تعتبر محاولة جيدة من قبل دول المجموعة لتحقيق التوازن الاقتصادي. ورغم أن هذه الخطوة لن تحقق نجاحاً في وقت قصير، إلا أنها تعتبر استثماراً يحتاج إلى سنوات، ربما عقود، لتحقيق هدفها في خلق عالم متعدد الأقطاب يتحدى الهيمنة الأمريكية.

وأكد أن فكرة إيجاد اقتصاد عالمي متعدد الأقطاب وتحقيق التوازن في العلاقات الاقتصادية، بالإضافة إلى تقليل الهيمنة الدولارية، تعد خطوات هامة نأمل تحقيقها. ومع ذلك، يرى أن تحقيق هذه الأهداف لن يكون سهلاً.

وفيما يتعلق بتحقيق التوازن العالمي، أشار إلى أن قوة التكتل تعتمد على:

1. قدرة التكتل على زيادة عدد الدول الأعضاء في المراحل المقبلة.

2. اتخاذ قرارات تغيير مفاهيم ومعادلات وعلاقات في الاقتصاد الدولي.

وأوضح أن هذه القرارات يتوقف نجاحها على المستقبل، وأشار إلى أهمية التكتل بدور الصين وروسيا بالإضافة إلى دول الخليج مثل السعودية والإمارات ودول أميركا اللاتينية مثل البرازيل. وفي ظل التحولات والصراعات العالمية، يثير السؤال عما إذا كانت الأمور ستظل على حالها أم ستحدث مستجدات تؤدي إما لنجاح التكتل أو جعل وجوده غير فعال.

ووفقًا للخبير الاقتصادي، من بين القرارات المهمة المتوقع اتخاذها من قبل التكتل والتي تمثل الخطوة الأولى نحو نجاحه المستقبلي

1. التحول نحو تقليل الاعتماد على الدولار وتعزيز استخدام العملات المحلية.

2. السعي لإنشاء عملة خاصة بدول البريكس.

3. تعزيز مؤسسات بديلة مثل البنك الآسيوي للتنمية بدلاً من الاعتماد على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

تحديات

أكد الخبير الاقتصادي أن تحدياً كبيرًا ينتظر تكتل البريكس، حيث يتمثل هذا التحدي في التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، اللذين "لن يتسامحا مع أي تكتل أو دولة تسعى للتأثير على سيطرتهما على الاقتصاد العالمي". وأكد أن هذا التحدي يعد صعبًا خاصةً مع الولايات المتحدة كدولة مهيمنة على الاقتصاد العالمي وعلى المؤسسات الدولية، سواء كانت هذه المؤسسات اقتصادية أو غير اقتصادية.

وفيما يتعلق بالمساحة الجغرافية، يظهر أن الدول الحالية في مجموعة البريكس (روسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا) تسيطر على 25.8 بالمئة من مساحة اليابسة في العالم. ومع انضمام الدول الجديدة، يرتفع هذا النصيب إلى 49 بالمئة من إجمالي مساحة اليابسة، مما يجعل التحديات أمام التكتل أكثر تعقيدًا واستدعاءًا للتعامل الحكيم والفعال مع القوى العالمية الكبرى.

دول راغبة في الانضمام

نقلت وكالة تاس للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال هذا الأسبوع أن حوالي 30 دولة تعبر عن رغبتها في تطوير علاقات مع مجموعة البريكس.

في سياق ذي صلة، أعلن وزير الخارجية النيجيري يوسف توجار في نوفمبر الماضي أن نيجيريا، التي تعتبر أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان، تسعى للانضمام إلى مجموعة البريكس خلال العامين القادمين.

وباستثناء الهند، أظهر أداء مجموعة البريكس أدنى من أداء نظرائها في الأسواق الناشئة على مدى الخمس سنوات الماضية، وفقًا لتقرير بلومبرغ إنتليجنس. ويعزى هذا التدهور إلى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا، مما أدى إلى استبعادها من قبل العديد من المستثمرين الأجانب. كما تم فرض عقوبات على بعض القطاعات في الصين، خاصة في مجال التكنولوجيا، وتواجه بعض الشركات الصينية إمكانية مواجهة حظر على الاستثمار.

هز عرش الدولار

أفاد المحلل الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، في تصريح خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، بأن التكتل البريكس لا يستطيع أن يحقق تأثيرًا واسعًا في الاقتصاد العالمي ليلًا ونهارًا، بل يتعين عليه أن يتبنى مراحل تنفيذية تبدأ بخطوات تمهيدية لتعزيز تأثيره بشكل تدريجي.

وأوضح أن الدولار يحتل موقع السيطرة على جميع أسواق العالم، ولن يتيح الوضع الحالي لتكتل جديد أن يستحوذ بسهولة على هذا المكان. وأشار إلى أن المؤشرات التي تظهرها التكتلات تحظى بتقدير كبير من قبل الحكومات والمجتمعات والشركات، وأن التحقق من الوضع الفعلي لتكتل البريكس في التنفيذ سيكون مفتاح نجاحه، وهو ما سيشكل المسار الأساسي للعديد من دول العالم.

وأشار إلى أن نجاح التكتل في تحقيق التوازن الاقتصادي حول العالم وتحدي هيمنة الدولار يعتمد على إرساء فكرة التبادل التجاري بالعملات المحلية، مستشهدًا بخطوات سابقة اتخذتها الإمارات والهند والصين في هذا السياق. وأضاف أن مصر أعلنت عن معاملات بالعملات المحلية مع دول أخرى.

وأكد أن نجاح هذه التجارب، إذا تم تحقيقه عبر جهود البنوك المركزية ودول التكتل، سيفتح الباب أمام فرص كبيرة للدول الأخرى لاعتماد فكرة التبادل بالعملات المحلية، مشيرًا إلى أن التكتل يمكن أن يعزز القوة في العلاقات الاقتصادية بين الأطراف المشاركة، مما يمكنه من تحقيق دور رفيع في اتخاذ القرارات الدولية وضبط التجارة الدولية.

وأخيرًا، أشار إلى أن التكتل يمكنه خلق قوة إضافية في العلاقات الدولية، مما يتيح له المشاركة الفاعلة في تسوية النزاعات والتأثير على القرارات الدولية بشكل أكبر، وهو ما سيكون له تأثير إيجابي على اقتصاد العالم.

تعليقات