في عام 2023، شهد سوق العملات المشفرة تحولات كبيرة وتحديات متعددة. تنوعت هذه التحديات بين تشديد القيود التنظيمية من قبل الهيئات الرقابية، وخروج بعض المنصات الرائدة من الأسواق الكبرى. على الجانب الآخر، أسهمت حالة الحماس المحيطة بالصناديق المخصصة للعملات المشفرة في دفع السوق نحو ارتفاعات نسبية.
تسارعت الأحداث السياسية والجيوسياسية حول العالم في رفع أسعار البيتكوين، حيث سجلت ارتفاعات قياسية تجاوزت 100%، ناتجة عن تأثيرات تقنية واقتصادية، إلى جانب تداعيات التوترات الجيوسياسية الحديثة. وعلى الرغم من تسجيل البيتكوين أرقامًا فاقت الأربعين ألف دولار، إلا أنها لم تصل إلى مستويات ذروتها التاريخية التي وصلت إلى نحو 69 ألف دولار في نوفمبر 2021. ومنذ ذلك الحين، تكبدت العملة خسائر تجاوزت 60% من قيمتها.
فيما يتعلق بتوقعات سوق العملات
المشفرة في عام 2024، تسود حالة من عدم اليقين بسبب الضبابية المحيطة بمستقبل
أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، إضافةً إلى زيادة عدم اليقين في السوق بشكل
عام. تحدث خبراء في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" حول العوامل
التي ستحدد اتجاهات السوق المستقبلية وتأثير تكثيف عمليات التنظيم على تطور السوق.
الأوضاع العالمية
قال أحمد عزام، محلل أول لأسواق المال في مجموعة إكويتي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن العملات الرقمية استفادت بشكل كبير من الأحداث التي شهدها الاقتصاد العالمي خلال عام 2023، خاصة في النصف الثاني من العام، وهذا يفتح الباب أمام إمكانية تحقيق المزيد من الارتفاعات في 2024. وأشار إلى الأسباب التالية:
1. الإقبال الكبير على المخاطرة وارتفاع الطلب على أدوات المخاطرة مثل العملات الرقمية، نتيجة لتوقعات بتخفيض أسعار الفائدة في اقتصادات كبرى في بداية عام 2024.
2. تداول أنباء حول قبول هيئة الإشراف على الأوراق المالية (سيك) التابعة للبورصة الأميركية فكرة صناديق ومؤشرات البيتكوين.
3. التوقعات بموافقة هيئة الأوراق المالية والبورصات في عام 2024 على مجموعة من صناديق المؤشرات، مما دفع العديد من الشركات والصناديق الكبيرة، مثل "بلاك روك" الأميركية، إلى طلبات كبيرة على العملات الرقمية، متوقعين ارتفاع الأسعار بعد أن وصل سعر البتكوين إلى حوالي 45 ألف دولار.
4. بمجرد الاعتماد الرسمي على صناديق الاستثمار المتداولة، يُتوقع أن تتأثر سوق العملات الرقمية بشكل كبير، حيث تقدم حوالي ثمانية صناديق طلبات لإنشاء صندوق متداول على البورصة.
5. خفض أسعار الفائدة يزيد من الاتجاه نحو أدوات المخاطرة، ومن بينها العملات الرقمية، وحاليًا تقدر قيمة السوق للعملات الرقمية بحوالي 1.8 تريليون دولار، ويُتوقع ارتفاعها إلى أكثر من 2 تريليون دولار كقيمة سوقية في عام 2024.
6. تقليص مكافأة التعدين سيؤدي إلى تقليل المعروض من البيتكوين إلى
النصف، مما يشير إلى دافع سعري إيجابي لتداولات البتكوين في عام 2024.
تسارع ارتفاع البتكوين ليصل إلى ما يقرب من 45 ألف دولار، وتراجع العملات البديلة إلى مستويات منخفضة، يمكن أن يُعتبر فرصة إيجابية للعملات الرقمية ذات القيم المنخفضة لتحقيق ارتفاعات في الفترة المقبلة. البتكوين، كقائد للسوق الرقمي، يلعب دوراً رئيسياً في توجيه حركة العملات البديلة، وتسجيله لارتفاعات قد يشجع العملات البديلة على تحقيق مكاسب في المستقبل.
أحدث المدير التنفيذي لشركة VI Markets، أحمد معطي، تحليلاً لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، يُسلط الضوء على عدة عوامل أثرت سلباً على أداء العملات المشفرة خلال عام 2023، متسببة في تراجعها، ومن بين هذه العوامل:
1. وقوع العديد من عمليات النصب المرتبطة
بالعملات المشفرة، مما أسهم في تشويه سمعتها.
2. حدوث عمليات اختراق متكررة على منصات
العملات المشفرة.
3. إعلان بعض المنصات عن إفلاسها، بما في
ذلك منصة
FTX الكبيرة.
4. خروج بعض المنصات من السوق وتوقفها في
بعض الدول الكبرى نتيجة لتشديد القيود والتوجه إلى أسواق أخرى.
5. بدء تشديد القوانين والقواعد في بعض الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، بشكل أكبر من الذي حدث في عام 2022، مما أثر سلباً على السوق.
ويشير إلى التفاؤل الكبير الذي كان متسلطًا بين المتعاملين في سوق
الكريبتو بعد تقنين البتكوين رسميًا في بعض الدول، ولكن الواقع في عام 2023 كان
عكس التوقعات، مع زيادة في القيود والقوانين وعدم حدوث التحسن المتوقع، حيث انخفضت
قيمة البتكوين إلى 43 ألف دولار فقط، بدلاً من التوقعات السابقة بالوصول إلى مستوى
100 ألف دولار خلال العام.
وأكد أن اتجاه العملات المشفرة في العام الجديد يتأثر بشكل رئيسي بعاملين رئيسيين:
1. **السياسة النقدية:** يربط اتجاه العملات المشفرة بتحركات الفيدرالي الأميركي، حيث إذا قررت الهيئة الفيدرالية خفض أسعار الفائدة، فإن ذلك سيكون له تأثير إيجابي على العملات المشفرة عند ارتفاع أسواق الأسهم. وفي حالة خفض الفائدة، قد تغادر الأموال البنوك لتجد طرقاً أخرى للاستثمار، ومنها العملات المشفرة. بالمقابل، في حال استمرار تشديد السياسة النقدية، قد يتراجع سوق العملات المشفرة.
2.
**القواعد والقوانين:** في حالة فرض مزيد من القيود والتشديد على القوانين، خاصة
في الولايات المتحدة الأميركية، قد يشهد سوق العملات المشفرة تراجعاً. بينما في
حالة فتح المجال لتسهيلات، قد تشهد العملات المشفرة ارتفاعًا. ومن المتوقع أن تلعب
القواعد دورًا أساسيًا في عام 2024، سواءٌ كان ذلك من خلال تشديد أو تيسير
القوانين.